وَدْ مَدَنِي مدينة تقع في وسط السودان على ارتفاع 409 متر فوق سطح البحر، على ضفة النيل الأزرق الغربية بمشروع الجزيرة الزراعي الشهير، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بحوالي 186 كيلومتر (115 ميل) جنوباً، وتعد إحدى المدن السودانية الكبيرة، وهي أيضاً عاصمة ولاية الجزيرة.
أصل التسمية
يعود اسم مدينة وَدْ مَدَنِي إلى مؤسسها الفقيه محمد الأمين ابن الفقيه مدني السني، وكانت تكتب باللغة العربية إبان الحكم الثنائي «واد مدني»، ولفظ «واد» بالعامية المصرية يرادف لفظ «ود» (بفتح الواو) بالدارجة السودانية وكلاهما تحوير للفظ «ولد» بمعنى ابن. والابن المقصود هنا هو محمد الأمين ابن مدني، المتقدم ذكره. وتلقب ود مدني أيضاً، بمدني السُّني، ومدني الجزيرة، كما يطلق عليها اسم مدني، اختصاراً.
كما تعرف ود مدني محلياً باسم جزيرة الشيخ مالك أبو روف وهو مالك أبو روف الرفاعي، شيخ مشايخ جهينة بالسودان (1822 – 1883) وهو أسم يطلق أيضاً على جزيرة تقع قرب جسر النيل الأبيض الذي يربط بين الخرطوم وأم درمان. وكان الشيخ مالك ينزل في أربعينيات القرن التاسع عشر على شاطئ أم درمان في المنطقة المعروف حاليا بأبي روف
التاريخ
نشأة المدينة
كانت بداية نشأة مدينة ود مدني في سنة 1489 م تقريباً، عندما حلّ الفقيه محمد الأمين ابن الفقيه مدني الذي يتصل نسبه بعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي، بموقع المدينة حيث أقام بالمكان الذي توجد فيه قبة الضريح الذي يحمل اسمه (وهو الآن خلوة لتعليم القرآن والفقه). وبدأت الأحياء السكنية تنتشر حوله، وكان أولها حي المدنيين الذي كان يقطنه الدارسون والمريدون للفقيه محمد الأمين. وقامت بالبلدة خلال تلك الحقبة من الزمن صناعة القوارب الشراعية إلى جانب صناعات محلية أخرى كدباغة الجلود وصناعة الأحذية والعناقريب (المفرد عنقريب وهو السرير السوداني التقليدي).
العهد التركي
وعندما غزا إسماعيل باشا كامل بن محمد علي باشا، خديوي مصري، السودان في سنة 1821 م، اتخذ من مدينة ودمدنى قاعدة لقواته التي كانت في طريقها نحو سنّار عاصمة السلطنة الزرقاء والتي كانت تخضع لها معظم ممالك السودان وأقاليمه الأخرى آنذاك بما فيها مدني.
انتهت أهمية ود مدني كقاعدة عسكرية لجيوش الأتراك بمقتل إسماعيل باشا في مدينة شندي بشمال السودان، حيث قرر خلفاؤه اختيار الخرطوم عاصمة جديدة لحكمهم وقاعدة عسكرية كبرى لجيوشهم.
الحكم الثنائي
بعد هزيمة دولة المهدية الوطنية التي خلفت الحكم التركي في السودان سنة 1898 م وبداية الحكم الثنائي الإنجليزي المصري، تمت إعادة التقسيم الإداري في السودان واختيرت مدينة الكاملين القريبة من الخرطوم عاصمة لمديرية النيل الأزرق التي ضمت مدينة ود مدني في حدودها، إلا إنه وبحلول عام 1902 م تحولت عاصمة المديرية إلى ود مدني. وخلال العشرين عاما الأوائل من القرن العشرين أُقيمت بمدني محطة للسكة الحديد ومستشفى عسكري كان تابعاً للقوات البريطانية ومباني رئاسة المديرية والمحاكم ومكتب البريد والجامع الكبير على امتداد شارع النيل، كما بدأ أول تخطيط عمراني بالحي البريطاني (الحي السوداني حالياً) وحي القسم الأول. وشهدت مدينة ود مدني منذ ذلك التاريخ نشاطاً تجارياً كبيراً جذب إليها أعداداً كبيرة من التجار والحرفيين.
في عام 1929 م تراجعت أهمية مدينة ودمدني مرة أخرى كمركز تجاري كان يستقبل يوميا عشرات القوافل المحمّلة بحاصلات السودان المتوجهة إلى شرق السودان وذلك بسبب اكتمال الخط الحديدي إلى شرق السودان حتى مدينة كسلا والذي كان ينقل السلع مباشرة إلى تلك المناطق دون تجميعها وإعادة توزيعها من مدني.
مشروع الجزيرة وفترة ما بعد الاستقلال
استعادت ودمدنى أهميتها الاقتصادية بقيام مشروع الجزيرة الزراعي في عام 1925 م وتوسع النشاط الحكومي بها نسبة للتطور الاجتماعي والإنمائي الذي شمل مديرية النيل الأزرق قبل تحويلها في عام 1973 م إلى مديرية الجزيرة ثم إلى ولاية الجزيرة وبقيت ود مدني عاصمة لها.