مدينة أم درمان هي ثاني أكبر مدينة في السودان، وتشكّل الجزء الكبير من ولاية الخرطوم عاصمة البلاد تقع على طول الضفة الغربية لكل من نهر النيل والنيل الأبيض قبالة مدينة الخرطوم ومدينة الخرطوم بحري، ويبلغ عدد سكانها حوالي 1 مليون نسمة (يوليو / تموز 2001 م). وبها أهم المراكز التجارية. وتشكل مع كل من الخرطوم والخرطوم بحري تكتلاً حضرياً يبلغ إجمالي عدد سكانه 7.830.479 نسمة (2006). وتبلغ مساحتها حوالي 4948 كم مربع. تكتب أحيانًا: أمدرمان. ويطلق عليها أيضاً اسم «أم در»، اختصاراً وكنية، كما تعرف بالعاصمة الثقافية.
توجد في أم درمان الإستديوهات الرئيسية لإذاعة وتلفزيون السودان الرسميين. ومبنى البرلمان والمستشفى العسكري وقاعدة ومطار وادي سيدنا العسكري ومسجد النيلين، كما يقع جنوبها مطار الخرطوم الدولي الجديد قيد الأنشاء والمسرح القومي وأكبر الأندية الرياضية نادي الهلال ونادي المريخ ونادي المورده..
أصل التسمية
الاسم (أم درمان) قديم في تاريخه، وقد يرجع إلى ما يعرف بعصر العنج السابق لعصر الفونج في القرن السادس عشر الميلادي بالسودان، وتتعد الروايات في تفسير معنى الاسم وأصله ولعلّ أكثرها رواجاً تلك التي تتحدث عن:
- امراة تنتمي إلى أسرة مالكة كانت تسكن المكان الذي قامت عليه المدينة بالقرب من ملتقى النيلين الأبيض والأزرق، وكان لها ولداً اسمه «درمان » وكانت تسكن منزلاً مبنياً من الحجر ومحاط بسور متين ظلت أثاره باقية حتى عهد قريب في حي «بيت المال» الحالي، وإلى أم هذا الولد نُسب اسم المكان.
- وثمة رواية أخرى مماثلة تقول بأن المرأة هي التي كانت تسمى درمان وأن منزلها كان مكان آمناً بسبب ما يحيط به من سور وكانت المرأة تلقب بأنها أم دار الأمان، والذي تحرف وأصبح أم درمان.[2] * وهنالك رواية ثالثة تذهب إلى أن أمدرمان (بفتح الهمزة والميم) لفظ عربي قحطاني الأصل ويعني المرتفع من الأرض وسميّ به المكان للدلالة على طبيعته الطبوغرافية المتمثلة في ارتفاعه عن البرين الآخرين اللذين تقع فيهما مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري الحاليتين.
- ولأم درمان اسم آخر قديم هو وشل ويعني المكان الكثير الماء. وقد أطلق عليها المهدي بعد أن اتخذها عاصمة للدولة اسم البقعة الطاهرة.
- في اللهجة العراقية، كان يقال دَرْمان بمعنى دواء، وأصلها دَرْدْ مان، بمعنى: دافع الداء بالفارسية.[3]
تاريخ المدينة
بعد سقوط الخرطوم عاصمة العهد التركي في السودان على يد الأمام محمد أحمد المهدي في يناير / كانون الثاني 1885 م، ومصرع الحاكم العام البريطاني للسودان آنذاك غوردون باشا، كان معسكر المهدى في منطقة إبي سعد بأم درمان. رفض المهدي أن يتخذ من الخرطوم عاصمة له فوقع اختياره على بلدة أم درمان لتكون عاصمة دولته الجديدة، وقد قيل في اختياره لموقع أم درمان بأنه كان قد خرج مع جماعة من أصحابه وهو على ناقته وأطلق لها العنان فسارت به الناقة إلى شمال إبي سعد حتى بركت في الموقع الذي توجد فيه الآن قبة المهدي (ضريح المهدي)، فبنى عليه المهدى حجرة من الطين. ولما توفي دفنه أصحابه في حجرته تلك اسوة بما فعله صحابة النبي محمد (ص) في بالمدينة المنورة.
أقام كبار أنصار المهدي من أمراء وقادة بعد تحرير الخرطوم في قصور الدولة وبيوت الأعيان في حي المسجد بالمدية، بينما أقام المهدي في قصر يسمى «قصر الجاركوك» وكان قريباً من المسجد، وسكن الخليفة عبد الله التعايشي في سراي الحكمدار، أما أهالي الخرطوم فقد تم جمعهم في الطرف الجنوبي من المدينة، ولم تستمر إقامة قادة المهدية طويلاً في الخرطوم حيث انتقلوا إلى أم درمان التي اتخذوها مقراً جديدا للحكم في السودان في مايو / أيار من عام 1885 م.[4]
ووفقاً للمؤرخ السوداني الدكتور إبراهيم أبو سليم فإن أم درمان شهدت مزيداً من التوسع في عهد الخليفة عبد الله التعايشي حيث شيّدت المنازل بالطين والآجر والحجر لتحل مكان تلك التي كانت مشيّدة بالقش (الحشائش الجافة وجريد النخيل) والجلود، وبدأت أم درمان تتحول إلى مدينة، بعد أن كانت معسكراً للمهاجرين من أتباع المهدي إلى توافدوا إليها في سنة 1885 م وهي السنة نفسها التي توفي فيها المهدي. وبنى الخليفة عبد الله التعايشي بيت المال، مقر الخزانة العامة للدولة، والسجن العام المسمي (بالساير). وبعد عامين قام بتشييد الطابق الأرضي من منزله بمواد بناء أحضرها من الخرطوم، وفي العام الذي تلاه أسست بيت الأمانة، وهو عبارة عن مخزن كبير للسلاح ومعدات الحرب، كما قام بتشييد قبة المهدي لتكون ضريحاً يضم رفات المهدي. وبدأ بعد ذلك في بناء سور المدينة الذي أحاط بمركز المدينة حيث قبة المهدي ومنازل الخلفاء وحراس الخليفة والمرافق العامة للدولة. وفي سنة 1889 م تمت أحاطة المسجد الجامع بسور عظيم. وبلغ طول المدينة بين طابية (حصن) أم درمان وحتى حي شمبات (في الخرطوم بحري) شمالاً وجنوباً حوالي ستة (6) أميال (9.65 كيلومتر)، فيما بلغ عرضها شرقاً وغرباً حوالي 2 ميل (3.218 كيلومتر). ويعود تمّدد المدينة من حيث الطول لمسافات بعيدة إلى تحبيذ السكان إقامة منازلهم ومتاجرهم على ضفاف نهر النيل. وقُدّر عدد السكان قبل وصول المهاجرين من اتباع المهدي من غرب السودان ما بين 15 (خمسة عشر) و20 (عشرون) ألف نسمة، فيما وصل العدد إلى 400 (أربعمائة) ألف نسمة بحلول عام 1895م.
وفي ثلاثينيات القرن الماضي شهدت أم درمان نشوء حركة وطنية سياسية تمثلت في مؤتمر الخريجين الذي طالب الحكم الثنائي الاستعماري بمنح السودانيين حق تقرير المصير وتمكينهم من إقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة.
الجغرافيا
تقع في ولاية الخرطوم على طول الضفة الغربية لكل من نهر النيل والنيل الأبيض قبالة مدينة الخرطوم وغرب مدينة الخرطوم بحري، وتبلغ مساحتها حوالي 614 كم مربع (381.52 ميل مربع).
تعتبر أم درمان إحدى مدن العاصمة المثلثة الثلاث، وهي تحتل الجزء الشمالي الغربي من الولاية، وتمتد في مساحة طولية، هذا الامتداد على نهر النيل جعلها مركزاً للاستقرار والتجمع الحضري. وتنحدر أرضها بصورة واضحة في اتجاه الشرق نحو النيل.